انفجار مرفأ بيروت والدور التركي في المنطقة
كان الانفجار الذي حصل في مرفأ بيروت بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للشعب اللبناني، الذي كان لعدة أشهر ماضيه يشعر بإهمال الحكومات وفسادها، لتكتمل اللوحة اليوم بالشعور بالخوف وانعدام الأمان، وتفضيل الكثير من اللبنانيين تدخل الدول الغربية في لبنان بغية تحسين الأوضاع.
- ما هو الدور التركي في ذلك،
- ما مضمون المساعدات التركية التي وصلت إلى لبنان؟
- هل هي لغرض إنساني فقط؟
- هل لتصريح ماكرون رئيس فرنسا أثر في التحرك التركي؟
لنتابع المقال التالي.
محتويات التدوينة:
انفجار مرفأ بيروت
شهدت العاصمة اللبنانية بيروت عصر يوم الرابع من آب\أغسطس من العام الحالي انفجار ضخماً لم يشهده العالم منذ زمن.
أعاد إلى الأذهان انفجار هيروشيما في اليابان الذي شهدته ايام الحرب العالمية.
أدى هذا الإنفجار إلى خسائر كبيرة في الأرواح وخلف عدد كبير من الجرحى و المفقودين بالإضافة إلى الأضرار المادية.
حيث تم الإعلان عن مقتل أكثر مم 250 شخصاً و إصابة 6000 آخرين, فيما قدرت الخسائر المادية بما يقارب 15 مليار دولار.
أعقب الإنفجار تعاطفاً كبيراً من قبل الدول العربية و الغربية شعوباً و حكاماً.
وقامت بعض الدول بإرسال المساعدات من الأدوية أو الأغذية و فتحت الدول المجاورة حدودها لاستقبال الجرحى في مشافيها.
دور فرنسا عقب انفجار بيروت
لا يخف على أحد دور فرنسا في الشرق الأوسط منذ عشرينات القرن الماضي, واليوم تحاول “الاصطياد في الماء العكر”.
حيث قام الرئيس الفرنسي ماكرون بزيارة إلى بيروت ليعلن فيها تضامنه مع الشعب اللبناني المفجوع على حد قوله
استعداد بلاده لانتزاع لبنان مما هي فيه, سبق الزيارة تغريدات على تويتر لماكرون عبر فيها عن حزنه و ألمه لما حصل.
آلاف اللبنانيين استقبلوا ماكرون بحفاوة و قد رأوا فيه المسيح المخلص ووقع عدد منهم على عريضة تطالب فرنسا بالعودة إلى الإنتداب, هذه التوقيعات وإن كانت قليلة إلا أنّ لها تبعات و مدلولات كبيرة.
الدور التركي في بيروت
بعد زيارة ماكرون إلى بيروت أرسلت تركيا وفداً برئاسة فؤاد أوقطاي للتعبير عن تضامنهم و حزنهم مع اللبنانيين.
وعود بتقديم المساعدات الغذائية و الإنسانية و أن تركيا ستقف دوما بجانب اللبنانيين لتخليصهم من محنتهم,
هذه الزيارة استقبلها اللبنانيون بالترحيب الحار و برفع الأعلام التركية في شوارع بيروت, و انتشار التغريدات الكثيرة المرحبة و المتفائلة بالدور التركي القادم في لبنان.
إلى حد ما لم يخب ظن الشعب اللبناني, فقد كانت تركيا السباقة في إرسال قوافل المساعدات الغذائية و الطبية,
تعهدها التام بتقديم كل أشكال الدعم للمواطنين اللبنانيين,
صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تركيا تعتزم منح الجنسية التركية إلى تركمان لبنان أي اللبنانيين من أصول تركية.
لاحقاً أعلنت تركيا عن استعدادها الكامل بإعادة بناء مرفأ بيروت و إعادة إعماره و إصلاح الضرر الحاصل في المنشآت و المباني المحيطة به.
جدير بالذكر أنّ تركيا لديها كثير من الفعاليات و المؤسسات الخيرية و التعليمية في لبنان و منذ وقت طويل.
التنافس الفرنسي التركي
قام البعض بربط زيارة ماكرون إلى بيروت بزيارة الوفد التركي خلفها مباشرة,
و من وجهة نظر المحللين السياسيين أن تركيا لن تسمح لفرنسا ببسط سيطرتها على لبنان بحجة المساعدات الإنسانية,
و من المعلوم التنافس التركي الفرنسي منذ القدم, و اليوم كذلك حيث:
تدعم فرنسا القوات اليونانية التي تقوم بنزاع مباشر مع تركيا في المنطقة البحرية الواصلة بينهما.
هذه الزيارات أعادت الذاكرة إلى زيارة رئيس فرنسا ساركوزي في عام 2011 إلى ليبيا, تبعها زيارة أردوغان رئيس تركيا إلى طرابلس و ما أعقبها بعد ذلك من تنافس البلدين في ليبيا.
مساعدات انسانية أم استثمار كارثة
تختلف وجهات النظر حول نية البلدين تركيا و فرنسا في لبنان…
و إن كان الفرنسيين معروفين بأطماعهم و تاريخهم الأسود في البلاد العربية,
تضارب الأقوال يتمحور حول غرض الحكومة التركية, البعض يرى أن تركيا دولة إنسانية و أن المساعدات المقدمة ليس لها أي غرض سياسي.
البعض الآخر يرى أن تركيا تحاول استغلال الكارثة الإنسانية لصالحها, و أنها رأت في هذه الحادثة فرصة أخرى للتوغل في الدول العربية مرة أخرى, كما فعلت في سوريا و العراق و ليبيا, و إن كان المقصد مختلف هذه المرة, و أن غرضها الأساسي السيطرة المطلقة على حوض المتوسط و دعم دورها في سوريا من جهة أخرى لتحقيق أطماع قديمة و استعادة مجد مسلوب.
رؤية مستقبليه للدور التركي في لبنان
الكثير من المحللين أطلقوا رؤية مستقبلية للدور التركي في لبنان…وهي
أن تركيا تسعى للإنتشار في لبنان بشكل غير مباشر حالياً.
هدفها من ذلك تقويض الدور الإيراني في المنطقة, و هذا ما يظنه البعض أنه سيدعم من قبل الإدارة الأمريكية,
كما أن وجود تركيا في لبنان :
سيعزز من دورها في سوريا بمواجهة روسيا,
وسيقطع في الوقت ذاته التوسع الخليجي المتمثل بالمملكة العربية السعودية و الإمارات في لبنان.
أي أن تركيا ستضرب أكثر من عصفور بحجر واحد, و هذا ما يبرر مسارعتها لتقديم الدعم و إعلان استعدادها لإعادة بناء المرفأ المتضرر بالكامل.
اخيرا لا يستطيع أحد أن ينكر دور تركيا الكبير في المنطقة ومحاولة فرض رأيها السياسي, و محاولتها الدائمة لأخذ دور الريادة فيها.
في هذا الوقت الذي يحتاج فيه بلد متضرر مثل لبنان إلى المساعدات الطبية و الغذائية و إعادة إعمار الكثير من المنشآت.
لابد من القول
أن تدخل دولة إسلامية أفضل بكثير و لكلا الجانبين من إعادة الدور الفرنسي إلى لبنان حسب ما تم تداوله مؤخراً.
بالنتيجة المساعدات المقدمة و الوفد التركي لقي ترحيباً كبيراً من قبل الشعب اللبناني نفسه, الذي سيحاول إيجاد أي قشة يستعين بها للنجاة من الغرق.
انفجار مرفأ بيروت والدور التركي في المنطقة